وتحدث آخر عن ذلك البيت القديم الواقع في أحد أطراف القرية والذي يسكنه نفر من الجن، وقد حاول أصحاب ذلك البيت السكن والنوم فيه لكنهم لم يتمكنوا من ذلك لسماعهم دائماً وقع أقدام الجن وضجيج حركتهم وتنقلهم في قبو البيت، وقد أكّد بعض رجال القرية ذلك بأنهم هم أنفسهم قد تحققوا من ذلك الأمر وسمعوا جلبة وضجيج الجن في قبو البيت ولم يجرؤ أحداً منهم للنزول إلى القبو خوفا على نفسه من الهلاك.
وتفسيره هو:كان الضجيج قد هدأ في تلك الأثناء فنزل ذلك الرجل عندئذٍ مع مرافقيه إلى قبو البيت وتفحصه جيداً، ولكنه لم يرى فيه أي أثر يدل على وجود أية مخلوقات غريبة ولم يشاهد غير الغبار الكثيف وشبكات خيوط العنكبوت التي كانت تملأ المكان، إنما لاحظ وجود بعض الفجوات الصغيرة في جدران القبو، وبعد برهة من التفكير خطر في ذهنه أن يهدم أحد تلك الجدران ليرى ما بداخله، فطلب من أولئك الرجال أن يساعدوه في ذلك فرفضوا في بادئ الأمر لأنهم كانوا خائفين ومذعورين لكنه أخذ يشد من عزيمتهم وذكّرهم بأن الجن لو أرادوا أن يمسوا أحداً منهم بسوء لفعلوا ذلك أثناء وجودهم داخل البيت فاقتنعوا أخيرا بكلامه، وما إن بدئوا بهدم أحد جدران القبو حتى تفاجئوا بمجموعة كبيرة من الجرذان تقفز من بين الحجارة وتملأ المكان لكثرة عددها، وتبين لهم بعد ذلك أن كل جدار من جدران ذلك القبو كان مؤلفاً من جدارين متقابلين، جدار من الداخل وجدار من الخارج ربينهما فراغ بقدر عشرة سنتيمترات تقريباً، وكانت الجرذان مع مرور الزمان قد تكاثرت في تلك الأمكنة الفارغة واتخذتها مساكن لها، إذن لم يكن يسكن ذلك البيت أبناء الجان، إنما كانت تسكنه جماعة من الجرذان